كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قوله تعالى: {وَجَعَلُواْ الملئكة الذين هُمْ عِبَادُ الرحمن إناثا} يعني: وصفوا الملائكة بالأنوثة.
قرأ ابن كثير، وابن عامر، ونافع {الَّذِينَ هُمْ عَنْدُ الرَّحْمَنِ} {إناثا} يعني: وصفوا الملائكة بالأنوثة.
قرأ ابن كثير، وابن عامر، ونافع عبيد يعني: الملائكة الذين هم في السماء، والباقون عِبَادُ يعني: جمع عبد.
ثم قال: {أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ} يعني: أحضروا خلق الملائكة حين خلقهم الله تعالى، فعلموا أنهم ذكورًا أو إناثًا؟ هذا استفهام فيه نفي، يعني: لم يشهدوا خلقهم على وجه التوبيخ، والتقريع.
ثم قال: {سَتُكْتَبُ شهادتهم} يعني: ستكتب مقالتهم {وَيُسْئَلُونَ} عنه يوم القيامة.
وروي عن الحسن: أنه قرأ {سَتُكْتَبُ شَهَادَاتُهُم} بالألف يعني: أقوالهم.
وقرأ عبد الرحمن الأعرج {سَنَكْتُبُ} بالنون.
قوله تعالى: {وَقالواْ لَوْ شَاء الرحمن مَا عبدناهم} يعني: ما عبدنا الملائكة ويقال: الأصنام {مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ} أي: ما لهم بذلك القول من حجة {إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} يعني: يكذبون بغير حجة.
وقال مقاتل: في الآية تقديم يعني: عباد الرحمن إناثًا، ما لهم بذلك من علم.
قوله عز وجل: {أَمْ ءاتيناهم كتابا مّن قَبْلِهِ} يعني: أنزلنا عليهم كتابًا، من قبل هذا القرآن {فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ} يعني: آخذون به عاملون، اللفظ لفظ الاستفهام، والمراد به النفي.
قوله عز وجل: {بَلْ قالواْ إِنَّا وَجَدْنَا ءابَاءنَا على أُمَّةٍ} يعني: لكنهم قالوا: إنا وجدنا آباءنا على دين وملة.
وقال القتبي: أصل الأمة الجماعة، والصنف.
كقوله: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ في الأرض وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أمثالكم مَّا فَرَّطْنَا في الكتاب مِن شَىْءٍ ثُمَّ إلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} [الأنعام: 38] ثم يستعار في أشياء منها: الدين.
كقوله: {بَلْ قالواْ إِنَّا وَجَدْنَا ءابَاءنَا} أي: على دين، لأن القوم كانوا يجتمعون على دين واحد، فتقام الأمة مكان الدين، ولهذا قيل للمسلمين: أمة محمد صلى الله عليه وسلم، لأنهم على ملة واحدة، وهي الإسلام.
وروى مجاهد، وعمر بن عبد العزيز، أنهما قرأ {أُمَّةٍ} بكسر الألف، أي: على نعمة.
ويقال: على هيئة، وقراءة العامة بالضمة، يعني: على دين وروى أبو عبيدة، عن بعض أهل اللغة، أن الأُمة والأمة لغتان.
ثم قال: {بَلْ قالواْ إِنَّا وَجَدْنَا} يعني: مستيقنين {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ في قَرْيَةٍ مّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قال مُتْرَفُوهَا} يعني: جبابرتها {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ في قَرْيَةٍ مّن نَّذِيرٍ} يعني: بسنتهم مقتدون أي: بأعمالهم.
قال الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: {قال أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بأهدى} يعني: أليس هذا الذي جئتكم به، هو أهدى {مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ ءابَاءكُمْ} يعني: بأصوب وأبين من ذلك.
قرأ ابن عامر، وعاصم في رواية حفص {قال أَوَلَوْ} على معنى الخبر والباقون (قُلْ) بلفظ الأمر.
وقرأ أبو جعفر المدني (جِئْنَاكُم) بلفظ الجماعة.
{قالواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافرون} يعني: إن الجبابرة قالوا لرسلهم: إنا بما أرسلتم به جاحدون.
قوله عز وجل: {فانتقمنا مِنْهُمْ} بالعذاب {فانظر كَيْفَ كَانَ عاقبة المكذبين} يعني: آخر أمرهم.
قوله عز وجل: {وَإِذْ قال إبراهيم لأبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِى بَرَاء مّمَّا تَعْبُدُونَ} يعني: بريء من معبودكم.
ذكر عن الفراء أنه قال: براء مصدر صرف أسماء، وكل مصدر صرف إلى اسم، فالواحد، والجماعة، والذكر، والأنثى فيه سواء.
قوله عز وجل: {إِلاَّ الذي فَطَرَنِى} يعني: إلا الذي خلقني، فإني لا أتبرأ منه.
{فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} ويقال: إلا بمعنى لكن.
يعني: لكن الذي خلقني، فهو سيهدين، يعني: يثبتني على دين الإسلام {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً باقية في عَقِبِهِ} يعني: جعل تلك الكلمة ثابتة في نسله {وَذُرّيَّتَهُ} وهي كلمة التوحيد لا إله إلا الله {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} عن كفرهم إلى الإيمان.
وقال قتادة: هو التوحيد والإخلاص، لا يزال في ذريته.
من يوحدوا الله تعالى، ويعبدوه وقال مجاهد: يعني: كلمة لا إله إلا الله في عقبه وولده.
ويقال: {إِنَّنِى بَرَاء مّمَّا تَعْبُدُونَ} يعني: ذو البراءة كما يقال: رجل عدل ورجال عدل، أي: ذو عدل.
قوله تعالى: {بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلاَء} يعني: أجلت هؤلاء، وأمهلتهم.
يعني: قومك {بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلاَء وَءابَاءهُمْ} يعني: القرآن.
ويقال: الدعوة إلى التوحيد {وَرَسُولٌ مُّبِينٌ} يعني: بين أمره بالدلائل.
والحجج.
ويقال: مبين، يعني: بين لهم الحق من الباطل.
قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءهُمُ الحق} يعني: القرآن {قالواْ هذا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كافرون} يعني: جاحدون.
{وَقالواْ} يعني: أهل مكة {لَوْلاَ نُزّلَ هذا القرءان على رَجُلٍ مّنَ القريتين عَظِيمٍ} يعني: على رجل عظيم من رجلي القريتين، وهو الوليد بن المغيرة، من أهل مكة، وأبو مسعود الثقفي بالطائف يعني: لو كان حقًا، لأنزل على أحد هذين الرجلين.
وروى وكيع، عن محمد بن عبد الله بن أفلح الطائفي، قال: عن خالد بن عبد الله بن يزيد، قال: كنت جالسًا عند عبد الله بن عباس بالطائف، فسأله رجل عن هذه الآية وهي قوله: {مّنَ القريتين} فقال: القرية التي أنت فيها.
يعني: الطائف والقرية التي جئت منها، يعني: مكة.
وسئل عن الرجلين فقال: جبار من جبابرة قريش، وهو الوليد بن المغيرة بمكة، وعروة بن مسعود، جد المختار. يعني: أبا مسعود يقال اسمه عمرو بن عمير.
قوله تعالى: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبّكَ} يعني: أبأيديهم مفاتيح الرسالة والنبوة، فيضعوها حيث شاؤوا، ولكننا نختار للرسالة، من نشاء من عبادنا {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ في الحياة الدنيا} يعني: نحن قسمنا أرزاقهم فيما بينهم، وهو أدنى من الرسالة، فلم نترك اختيارها إليهم، فكيف نفوض اختيار ما هو أفضل منه، وأعظم، وهي الرسالة إليهم.
ثم قال: {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ درجات} يعني: فضلنا بعضهم على بعض، بالمال في الدنيا.
{لّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا} يعني: الاستهزاء ويقال: فضل بعضهم على بعض في العز، والرياسة، ليستخدم بعضهم بعضًا، ويستعبد الأحرار العبيد، ثم أخبر: أن الآخرة أفضل مما أعطوا في الدنيا.
فقال: {وَرَحْمَةُ رَبّكَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ} يعني: خير مما يجمع الكفار من المال في الدنيا.
{وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ الناس أُمَّةً واحدة} يقول لولا أن يرغب الناس في الكفر، إذا رأوا الكفار في سعة المال.
وقال الحسن: لولا أن يتتابعوا في الكفر.
{لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بالرحمن لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مّن فِضَّةٍ} وهي: سماء البيت {وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ} يعني: الدرج عليها يرتقون ويرتفعون.
وقال الزجاج: يصلح أن يكون لبيوتهم بدلًا من قوله: {لِمَن يَكْفُرُ} ويكون المعنى لجعلنا لبيوت من يكفر بالرحمن، ويصلح أن يكون معناه: لجعلنا لمن يكفر بالرحمن على بيوتهم.
قرأ ابن كثير وأبو عمرو {لِبُيُوتِهِم سَقْفًا} بنصب السين، وجزم القاف، ويكون عبارة عن الواحد، فدل على الجمع.
والمعنى: لجعلنا لبيت كل واحد منهم، سقفًا من فضة.
وقرأ الباقون سُقُفًا، بالضم على معنى الجمع.
ويقال: سقف ومسقف مثل رهن ورهن.
قوله تعالى: {وَلِبُيُوتِهِمْ أبوابا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ} يعني: يجلسون وينامون {وَزُخْرُفًا} وهو الذهب يعني: لجعلنا هذا كله من ذهب وفضة.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لَوْلاَ أنْ يَجْزَعَ عَبْدِي المُؤْمن، لَعَصَّبْتُ الكَافِرَ بِعِصَابةٍ مِن حَدِيدٍ، وَلَصَبَبْتُ عَلَيه الدُّنْيَا صَبًّا» وإنما أراد بعصابة الحديد، كناية عن صحة البدن، يعني: لا يصدع رأسه، ثم أخبر أن ذلك كله مما يفنى.
فقال: {وَزُخْرُفًا وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا متاع الحياة الدنيا والآخرة عِندَ رَبّكَ} وما ها هنا زيادة ومعناه: وإن كل ذلك لمتاع.
ويقال: وما ذلك إلا متاع الحياة الدنيا، يفنى ولا يبقى {والآخرة} يعني: الجنة للذين يتقون الشرك، والمعاصي والفواحش.
قرأ عاصم، وابن عامر في رواية هشام: {وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا} بتشديد الميم، وقرأ الباقون بالتخفيف.
فمن قرأ بالتخفيف، فما للصلة والتأكيد.
ومن قرأ بالتشديد فمعناه: وما كل ذلك إلا متاع.
وقال مجاهد كنت لا أعلم ما الزخرف، حتى سمعت في قراءة عبد الله {بيتًا من ذهب}.
قوله تعالى: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرحمن} قال الكلبي: يعني: يعرض عن الإيمان والقرآن، يعني: لا يؤمن.
ويقال: من يعمى بصره عن ذكر الرحمن.
وقال أبو عبيدة: من يظلم بصره عن ذكر الرحمن.
{نُقَيّضْ لَهُ شَيْطَانًا} يعني: نسيب له شيطانًا، مجازاة لإعراضه عن ذكر الله.
ويقال: نسلط عليه ويقال نقدر له، ويقال: نجعل له شيطانًا {فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} يعني: يكون له صاحبًا في الدنيا، فيزين له الضلالة.
ويقال: فهو له قرين.
يعني: قرينه في سلسلة واحدة، لا يفارقه.
يعني: في النار.
وروي عن سفيان بن عيينة أنه قال: ليس مثل من أمثال العرب، إلا وأصله في كتاب الله تعالى.
قيل له: من أين قول الناس، أعطى أخاك تمرة، فإن أبى فجمرة.
فقال قوله: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرحمن نُقَيّضْ لَهُ شَيْطَانًا} الآية {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السبيل} يعني: الشياطين يصرفونهم عن الدين {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} يعني: الكفار يظنون أنهم على الحق.
{حتى إِذَا جَاءنَا} قرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، روعاصم في رواية أبي بكر (جَانَا) بالمد، بلفظ التثنية، يعني: الكافر وشيطانه الذي هو قرينه.
وقرأ الباقون {جَاءنَا} بغير مد، يعني: الكافر يقول لقرينه: {قال يَاءادَمُ ياليت بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ المشرقين} يعني: ما بين المشرق والمغرب.
ويقال: بين مشرق الشتاء، ومشرق الصيف {فَبِئْسَ القرين} يعني: بئس الصاحب معه في النار.
ويقال: هذا قول الله تعالى: {فَبِئْسَ القرين} يعني: بئس الصاحب معه في النار.
ويقال هذا قول الكافر يعني: بئس الصاحب كنت أنت في الدنيا، وبئس الصاحب اليوم.
فيقول الله تعالى: {وَلَن يَنفَعَكُمُ اليوم} الاعتذار {إِذ ظَّلَمْتُمْ} يعني: كفرتم، وأشركتم في الدنيا {أَنَّكُمْ في العذاب مُشْتَرِكُونَ} يعني: أنكم جميعًا في النار، التابع والمتبوع في العذاب، سواء قوله تعالى: للنبي صلى الله عليه وسلم: {أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصم أَوْ تَهْدِى العمى} إلى الهدى {وَمَن كَانَ في ضلال مُّبِينٍ} يعني: من كان في علم الله في الضلالة.
ومعنى الآية: إنك لا تقدر أن تُفهم من كان أصم القلب، ويعمى عن الحق، ومن كان في ضلال مبين، يعني: ظاهر الضلالة، قوله: {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ} يعني: نميتك قبل أن نرينك الذي وعدناهم، يعني: قبل أن نريك النقمة {فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ} يعني: ننتقم منهم.
بعد موتك.
قال قتادة: ذهب النبي صلى الله عليه وسلم، وبقيت النقمة.
قال: وذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم، «أُرَى مَا يُصِيب أُمَّتَهُ مِنْ بَعْدِهِ، فما رُئِيَ ضَاحِكًا مُسْتَبْشِرًا، حَتَّى قُبِضَ».
ثم قال: {أَوْ نُرِيَنَّكَ الذي وعدناهم} يعني: في حياتك {فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُّقْتَدِرُونَ} يعني: إنا لقادرون على ذلك قوله تعالى: {فاستمسك بالذى أُوحِىَ إِلَيْكَ} يعني: اعمل بالذي أوحي إليك من القرآن {إِنَّكَ على صراط مُّسْتَقِيمٍ} يعني: على دين الإسلام {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ} يعني: القرآن شرف لك ولمن آمن به ويقال: {وَلِقَوْمِكَ} يعني: العرب، لأن القرآن نزل بلغتهم {وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ} عن هذه النعم، وعن شكر هذا الشرف.
يعني: القرآن إذا أديتم شكره، أو لم تؤدوه.
قوله تعالى: {وَاسْئلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا} قال مقاتل، والكلبي: يعني: سل مؤمني أهل الكتاب {وَاسْئلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن} يعني: هل جاءهم رسول، يدعوهم إلى عبادة غير الله.
ويقال: {وَاسْئلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا} يعني: سل المرسلين، فلقي النبي صلى الله عليه وسلم الأنبياء ليلة المعراج، وصلى بهم ببيت المقدس.
فقيل له: فسلهم فلم يشك، ولم يسألهم.
ويقال: إنما خاطب النبي صلى الله عليه وسلم، وأراد أمته يعني: سلوا أهل الكتاب كقوله: {فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الذين يَقْرَءُونَ الكتاب مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الحق مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الممترين} [يونس: 94] الآية.
قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا موسى بآياتنا إلى فِرْعَوْنَ وَمَلاَيْهِ فَقال إِنّى رَسُولُ رَبّ العالمين} وقد ذكرناه {فَلَمَّا جَاءهُم بآياتنا} يعني: باليد والعصا {إِذَا هُم مِنْهَا يَضْحَكُونَ} يعني: يعجبون ويسخرون.
{وَمَا نُرِيِهِم مّنْ ءايَةٍ إِلاَّ هي أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا} يعني: أعظم من التي كانت قبلها، وهي السنين والنقص، من الثمرات والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم فلم يؤمنوا بشيء.
{وأخذناهم بالعذاب لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} يعني: عاقبناهم بهذه العقوبات لكي يرجعوا، ويعرفوا ضعف معبودهم {وَقالواْ يا أَيُّهَا الساحر} وكان الساحر فيهم، عظيم الشأن يعني: قالوا لموسى: يا أيها العالم {ادع لَنَا رَبَّكَ} أي: سل لنا ربك {بِمَا عَهِدَ عِندَكَ} يعني: بحق ما أمرك به ربك، أن تدعو إليه {إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ} يعني: نؤمن بك، ونوحد الله تعالى.
قوله تعالى: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ العذاب إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ} يعني: ينقضون عهودهم {ونادى فِرْعَوْنُ في قَوْمِهِ} يعني: خطب فرعون لقومه {قال يَا قَوْمٌ أَلَيْسَ لِى مُلْكُ مِصْرَ} وهي أربعون فرسخًا، في أربعين فرسخًا {وهذه الأنهار تَجْرِى مِن تَحْتِى} يعني: من تحت يدي.
ويقال: من حولي، وحول قصوري وجناني {أَفلاَ تُبْصِرُونَ} فضلي على موسى {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مّنْ هذا الذي هُوَ مَهِينٌ} يعني: خير، وأم للصلة من هذا الذي هو مهين، يعني: ضعيف ذليل.